محاضرة التشريح الأولى "حيثُ انتَظَرتُ الجُثث!"
كنت أظنّ الأمر بالسهولة التالية: أُقبَل في الكلّية ، تُسجّل لي مادّة التشريح ، أدخلُ المعمل لأجدَ الجُثّة ترقد في سلامٍ منتظرةً إيّاي أن أعبث فيها بمبضعٍ - لا أعرف حقيقةً كيفَ سأُمسكه في المستقبل بشمالي - ، ولكن الأمر لم يَكُن كذلك أبداً. في طريقي هذا: حتّى لقاءُ الجثث يتطلّبُ بعضَ العنَاء. بدأتُ أتقبّل الأمر على مَضضٍ و أشكو لجميع من أراه "كيفَ لي أَن أدرس التشريح بلا جُثّة موضوعة أمامي؟". دخلتُ المحاضرة الأولى و فتنَني ذاكَ المنظَر. كطالبٍ لم يسبِق لكَ دخولُ الحرمِ الجامعي يحقّ لك أن تسلبَ قلبك الدهشة حين تنتقل من قاعة لا تتسع إلا لثلاثين مقعداً ، إلى مدرّج تشاركُه مع المِئات. " إذاً أنا هُنا ، مع مائة و ثلاثون طالبة تشاركني حُلمي ، هنا تبدأ الأمور بالوقوع حقيقةً". تملّكتني الثقة بالنفس - وهي نفسها - التي أغفلتني عن رؤية الطبيبِ المُحاضر حين دخوله. وبحكمِ خبرتي في التعامل باللغة الإنجليزية - والتي تجاوزَت مدّتها يوماً و نِصف - كنتُ أعتقد أن الأمور ستكون سهلة - جداً -. لم أدرِ متى بدأت الأمور تتعقّد و متى استُبدِلت الإنجليزية باللاتينية. ولم أعلم هل ك...